حاملو الهوى الغزل والحب في الشعر العربي القديم
الشعر العربيّ منذ إرهاصاته الأولى حتى الآن ثريّ بغرضين مؤتلفين، مختلفين في آنٍ معًا، وهما شعر الحبِّ، وشعر الغزل، كلاهما يشترك في الموقف من المرأة عاشقة ومعشوقة ،وكلاهما جعل المرأة أيقونة للحبّ والحنان والجمال . الغزل يختلف عن الحبِّ ، فالشاعر يمكن أنْ يتغزَّل بمَن يحبُّ، ومَن لا يحبُّ، يكفي أنْ يرى أمامه نبع الأنوثة الزلال حتى تشتعل دواخله، وتنفجر شعرًا فياضًا بالسحر الحلال، وقد ينتقل بعد ذلك إلى التغزّل بامرأة أخرى، فالغزل قليل الدسم العاطفي، أما شعر الحبّ فقد تميّز به القليل من الشعراء العشّاق الذين هاموا بامرأة واحدة دون غيرها كما هو الحال في الشعر العذري.
الحبُّ في القلبِ لا في المقْولِ الهطِلِ شتَّانَ بينَ جنونِ الحبِّ والغزلِ
وإذا كان الشعر ديوان العرب فإنَّ الحبَّ ديوان القلب، في هذا الكتاب نرى شعر الغزل، وشعر الحبِّ منذ الجاهلية حتى العصر المملوكي، وكلاهما فرسا رهان لا يتعبان. الفنُّ عامّة، والشعر خاصّة لا يصاب بالشيخوخة مهما تقادم العهد على المهد. قال أحمد شوقي في هذا المعنى:
شابَ من حولِها الزمانُ، وشابَتْ وشبابُ الفُنونِ مازالَ غَضَّا
الشعر هو الوعاء الذي حافظ على تراث القلب العريق الذي كلما مرّ به الزمن تعتّق أكثر، فزاد حضورًا بهاء وجمالًا، ويبقى شعر الحبِّ والغزل جبلًا من نار، وملاذًا للعشاقِ في كلِّ مكان وزمان.
50,00 د.إ